الذلّ ...» (١) ، وأنّ الزكاة تطهير للنفس وتوفير للمال (٢) ، وفي القرآن الكريم (إِنَ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) (٣) فهل خاطب الشارع الناس بما لا يفهمون؟
إذا قال الشارع للناس : يجب عليكم العمل من أجل عزّ الإسلام والمحافظة على عظمة الدين ، وذلك يحصل بالجهاد في سبيل الله ، ألا يفهم العرف هذا المعنى؟ وإذا قال : عليكم بالمحافظة على المصالح العامّة للمجتمع الإسلامي ، وطريق ذلك هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ألا يفهمون مراد الشارع؟
نعم ، العرف العام بل الخاص يجهلون كيفيّة ترتّب الأغراض على الأفعال ، والسرّ في حصول الانتهاء عن الفحشاء والمنكر بإقامة الصّلاة ـ مثلاً ـ لكنّ هذا الجهل لا يضرّ بالمطلب ولا يمنع من توجّه التكليف بالغرض.
والحاصل : إنّ هذا الطريق غير دافع للإشكال.
وطريق المحقّق الأصفهاني (٤) ناظر إلى قاعدة إنّ كلّ ما بالعرض لا بدّ وأن ينتهي إلى ما بالذات ، ومن ذلك مطلوبيّة الشيء ، فإنّها إن كانت بالعرض لا بدّ وأن تنتهي إلى مطلوبٍ بالذات ، سواء عند الإنسان والحيوان ، فإنّ الحيوان لمّا يطلب القوت ، فإنّه طلب بالعرض ، والمطلوب الذاتي هو البقاء والحياة ، فانتهى الأمر إلى حبّ الذات ... وفي القضايا المعنوية نرى أنّ جميع مرادات الإنسان ترجع إلى مرادٍ بالذات هو معرفة الله عزّ وجل. وفي التشريعيّات كذلك ، فإنّه عند ما يأمر بشراء اللحم ، فإن هذا مطلوب بالعرض ، والمطلوب بالذات هو طبخ اللحم
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٥ / ١٨ الباب الأول من أبواب جهاد العدو.
(٢) وسائل الشيعة ٩ / ٩ الباب الأول من أبواب الزكاة.
(٣) سورة العنكبوت : ٤٥.
(٤) نهاية الدراية ٢ / ١٠١.