وعلى هذا ، ليس الطريق إلى تعيين حال الفرد المحقّق خارجاً من الوجوب المتعلّق بالوضوء ، من حيث النفسيّة والغيريّة ، هو التمسّك بالأصل اللفظي في مفهوم الوجوب ، كما ذهب إليه المحقّق الخراساني ، بل الصّحيح إثبات إطلاق الفرد الواقع عن طريق عدم التقييد بكونه للغير ، فإنّه يفيد كونه لا للغير ، فهذا هو المراد من الاطلاق هنا ، وهذا طريق إثباته.
وتلخّص : إنّه ليس الطريق هو التمسّك بإطلاق مفهوم الطّلب ، فإنّه لا يحلّ المشكلة ولا يخرج الفرد الواقع من التردّد بين النفسيّة والغيريّة ، لأنّ ذلك لا يحصل عن طريق إطلاق مفهوم الوجوب ، إذ الإطلاق المفهومي لا يعيّن حال الفرد الواقع ، بل الطريق الذي سلكناه هو الذي يعيّن حاله ويرفع التردّد والشك ، لأنّه أفاد عدم التقييد بالغيريّة.
أقول :
وبهذا التقريب الذي استفدناه من شيخنا الأُستاذ دام بقاه تندفع خدشة سيدنا الأُستاذ ، حيث أنه أورد كلام المحقّق الأصفهاني وذكر اشتماله على ثلاثة إيرادات على الكفاية ، ثم قال : والإنصاف أنّ هذه الوجوه مخدوشة كلّها ، ووجه الاندفاع هو أنّ مناقشته للكلام المذكور إنما جاءت على مقتضى القاعدة ، من جهة أنّ النفسيّة يحتاج إلى بيان كالعدميّة ، لأنّ كلاًّ منهما قيد زائد على أصل الوجوب ، ولا وجه لدعوى أنّه لا يحتاج إلى بيانٍ زائد بعد أن كان قيداً كسائر القيود الوجوديّة أو العدميّة (١).
لكنّ الارتكاز العرفي الذي أشار إليه المحقق الأصفهاني بقوله : «فما يحتاج إلى التنبيه عرفاً كون الوجوب لداعٍ آخر غير الواجب» هو الوجه للدعوى
__________________
(١) منتقى الأُصول ٢ : ٢١٧.