لواجب آخر» وهناك في كلّ واجب مقامان ، أحدهما : مقام التكليف ، والآخر مقام روح التكليف وسرّه. أمّا بالنظر إلى سرّ التكليف ، إذ للصلاة أسرار ، وللحج أسرار وهكذا ... فالواجبات الشرعيّة كلّها غيريّة ، لأنّها إنّما وجبت لترتّب تلك الأسرار والآثار ، لكنّ هذه الغيريّة هي بحسب مقام إرادة المولى وبلحاظ أسرار التكليف ، وبحثنا في الواجبات الغيريّة ليس من هذه الجهة ، بل هو من جهة مقام التكليف ، وفي هذا المقام إنْ كان الشيء الموضوع على الذمّة والمكلّف به طريقاً للوصول إلى شيء آخر كذلك فهذا الواجب غيري ، وإنْ لم يكن فهو واجب نفسي.
والحاصل : إنّ الشيخ قال : الغيري ما وجب لواجب آخر ، أي : لتكليفٍ آخر موضوع على الذمّة ، مطلوب من المكلَّف كسائر التكاليف ، كما هو الحال في الوضوء بالنسبة إلى الصّلاة ... وليس الانتهاء من الفحشاء والمنكر من هذا القبيل ، بل هو سرّ الصّلاة ولبّ الإرادة المتعلّقة بها ....
نعم ، لو قال الشيخ : «ما وجب لغيره» توجّه إليه الإشكال.
وبعبارة أُخرى : المراد من «الواجب الآخر» هو الواجب الشرعي ، كما في الوضوء ، فإنّه واجب شرعي قد وجب لواجب شرعي آخر هو الصّلاة ، وليس المراد من «الواجب الآخر» هو الواجب العقلي ....
أقول :
وهذا الطريق هو المختار عند الشيخ الأُستاذ.
فما هو مقتضى القاعدة؟
إنّه الرجوع إلى الأصل ، وهو تارةً : لفظي ، وأُخرى : عملي ، فإنْ وجد الأصل