المسائل الأُخرى.
وهنا ، لمّا نقسّم الواجبات إلى النفسيّة والغيريّة ، فالبحث أعمّ من الخطابات الشرعيّة والعرفيّة ، وحلّ المشكل في الخطابات العرفية لا يجدي نفعاً بالنسبة إلى الخطابات الشرعيّة ... والطريق المذكور قد حلّ المشكل في العرفيّات ، أمّا في الشرعيّات فلا ... لأنّ المولى يأمر زيداً بشراء اللحم وعمراً بطبخه ، وهذا في الأوامر العرفيّة كثير ، أمّا في الشرعيّات ، فإن الغرض مطلوب من نفس المخاطب بالعمل ، كالانتهاء من الفحشاء والمنكر ، فإنّه مطلوب من نفس من أُمر بالصّلاة ، ولا معنى لأنْ يؤمر مكلَّف بالصّلاة ويترتّب الأثر عليها عند مكلّف آخر.
والحاصل : إن كان الغرض ـ كالانتهاء عن الفحشاء والمنكر ـ لزوميّاً ، فالواجب أي الصّلاة غيري ، وإنْ لم يكن لزوميّاً فلا وجوب للصّلاة.
فإن قال : الغرض خارج عن قدرة المكلّف واختياره.
قلنا : هذا هو طريق الميرزا.
هذا أوّلاً.
وثانياً : إنّ ما ذكره لا يحلّ المشكلة في العرفيّات أيضاً ، ففي المثال الذي ذكره نقول : إن لم يكن للمولى غرض من الأمر بشراء اللّحم لم يعقل صدور الأمر منه به ، فلا بدّ من الغرض ، وهو هنا تمكّن عمرو من طبخ اللحم ، ثمّ تمكّن الآمر من الأكل ، فإنْ كان هذا التمكّن غرضاً لزوميّاً ، فالمفروض وجود القدرة عليه ، وحينئذٍ ، جاز تعلّق الأمر به.
وذكر المحقّق العراقي (١) إنّ الشيخ قد عرّف الواجب الغيري بأنّه «ما وجب
__________________
(١) نهاية الأفكار المجلّد الأول (١ ـ ٢) ٣٣١.