أجاب في الكفاية (١)
أوّلاً : إن هذا الذي ذكر ليس بدليلٍ على التفصيل ، بل إنّه دليل على أنّ الأمر النفسي إنّما يكون متعلّقاً بالسبب دون المسبّب ، فيكون السبب واجباً نفسيّاً. وهذا شيء خارج عن محلّ البحث ، وهو وجوب المقدّمة بالوجوب الغيري وعدمه.
وثانياً : إنّ ما ذكر من أنّ المسبّب غير مقدور غير صحيح ، لأنّ الشيء يكون مقدوراً بالقدرة على سببه ، والقدرة المعتبرة في التكاليف أعم من القدرة بالمباشرة أو بالتسبيب ، فلو أمر بالإحراق ـ وهو المسبّب ـ مع القدرة على الإلقاء في النار كان صحيحاً ، ولا وجه لصرفه إلى الإلقاء ، أي السبب.
وقال الميرزا (٢) :
إن كان وجود العلّة غير وجود المعلول صحّ وجوب العلّة بالوجوب الغيري ، وإن كانا موجودين بوجودٍ واحدٍ ـ كالإلقاء والإحراق ، والغسل والطهارة من الخبث ونحوهما ـ فلا معنى لأنْ يكون وجوب العلّة غيريّاً والمعلول نفسيّاً.
أشكل الأُستاذ
أوّلاً : بأنّه لا يعقل وجود العلّة والمعلول بوجودٍ واحدٍ ، إذ العلّة والمعلول متقابلان ، العلّة مؤثرة والمعلول أثر ، والمتقابلان لا يوجدان بوجود واحدٍ.
وثانياً : ما ذكره من تعدّد الوجود في الإلقاء والاحتراق غير صحيح ، لأنّ الإلقاء لا ينفك عن الإحراق ، لكنّ عدم الانفكاك أمرٌ ووجودهما بوجودٍ واحدٍ أمر آخر.
فإنْ كانت المقدّمة شرطاً شرعيّاً كالوضوء بالنسبة إلى الصلاة فهي واجبة ،
__________________
(١) كفاية الأُصول : ١٢٨.
(٢) أجود التقريرات ١ / ٢٥٣.