ذو المقدّمة ، فيكون مقدّمة ، فاجتمع في ذي المقدّمة وجوبان : الوجوب النفسي لكونه ذا المقدّمة ، والوجوب الغيري لكونه مقدمةً لحصول المقدّمة الموصلة ، وهذا محال.
وأورد في (المحاضرات) (١) على المحقّق الخراساني ـ في قوله : بأنّ الغرض من المقدّمة هو التمكّن من ذي المقدّمة ـ : بأنّ التمكّن منه ليس من آثار وجود المقدّمة ، بل هو من آثار التمكّن منها ، فلا يكون الأثر مترتّباً على مطلق المقدّمة كي يكون وجوبها تابعاً لهذا الأمر. هذا أوّلاً.
وثانياً : إنّه لو كان وجوب المقدّمة من أجل التمكّن من ذيها ، فإنّه تنتفي القدرة على ذي المقدّمة بانتفائها على المقدّمة ، ومع انتفاء القدرة عليه فلا وجوب له ، فلو كان وجوب ذي المقدّمة منوطاً بالتمكّن المترتّب من وجود المقدّمة ، كانت القدرة شرطاً للوجوب ، مع أنّ تحصيل القدرة غير لازم ، فيجوز حينئذٍ تفويت ذي المقدّمة ، وهذا باطل. فالقول بأنّ الغرض من المقدّمة هو التمكّن من ذيها باطل.
قال الأُستاذ
إنّه لمّا كان الأصل في هذا التحقيق هو المحقّق الاصفهاني ، فالأولى التعرّض لكلامه ، فإنّه قال في (نهاية الدراية) (٢) ما حاصله : إنّ المقصود من «المقدّمة» في كلمات القوم لا يخلو عن أحد وجوه ثلاثة :
أحدها : أن يكون المراد ما كان عدمه مستلزماً لعدم ذي المقدّمة ، فيكون
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٢ / ٢٥٥.
(٢) نهاية الدراية ٢ / ١٣٧.