الإرادة ـ مع كونها بسيطة ـ مشتملة على ثلاثة أُمور هي : أصل الرجحان ، والجواز ، والحدّ الوجوبي وهو شدّة الرجحان ، فلو ارتفع شدّة الرجحان ـ وهو الوجوب ـ أمكن بقاء الرجحان والجواز ، نظير اشتمال اللّون الأبيض على : اللّونية ، والبياض ، وشدّة البياض ، فإن ارتفعت الشدّة ، كان اللون والبياض باقيين.
ويشهد بذلك قولهم بجريان الاستصحاب في المراتب ، كما في النور ، فلو كان هناك نور شديد ، ثم علم بارتفاع الشدّة وشكّ في بقاء أصل النور والضوء ، فإنّه يستصحب النور.
وقد يورد عليه بناءً على أنّ الوجوب أمر منتزعٌ من اعتبار الشارع اللاّبديّة على ذمّة المكلّف ، والأُمور الانتزاعية لا مراتب لها وليست مشكّكة. لكنّه إشكال مبنائي.
فيرد عليه ـ مع حفظ المبنى ـ أولاً : إن الإرادة ، وهي الشوق الأكيد غير المحدود ، كيف نفساني تكويني ، والترخيص أمر جعلي اعتباري ، فكيف يكون من أجزاء الأمر التكويني؟
ومن هنا يظهر أن الإرادة ليست إلاّ الشوق وشدّة الشوق ، ولا ثالث.
وثانياً : إنه على فرض كون الترخيص أمراً واقعيّاً ، فإنّ الإرادة عبارة عن الشوق كما تقدّم ، فإن أُبرزت مع الحدّ فهو الاستحباب ، ومع عدمه فهو الوجوب ، فهي متقوّمة بالرجحان ، لكنّ الترخيص هو اللاّاقتضاء ، فاجتماع الترخيص مع الإرادة ودخالته فيها غير معقول ، وعليه ، فلو نسخ الوجوب أمكن بقاء الاستحباب ـ على مبنى المحقق العراقي ـ لا الجواز بالمعنى الأعم الذي هو مورد البحث.