والإباحة ، والآخر : الجواز بالمعنى الأخص ، وهو الإباحة. ولفظ «البقاء» يقتضي أن يكون المراد من «الجواز» هو المعنى الأعم لا الأخص.
فما ذكره المحقق المذكور من عدم الدلالة على بقاء الجواز ، لا بالمعنى الأعم ولا بالأخص ، مخدوش ، لأن الجواز بالمعنى الأخص ليس بقائيّاً أصلاً بل هو حدوثي.
إن البحث الثبوتي في المسألة يبتني على تشخيص حقيقة الوجوب ، فهل هو بسيطٌ أو مركّب ، وعلى الثاني هو مركّب من جواز الفعل مع المنع عن الترك تركيباً انضماميّاً ، أو مركّب منهما تركيباً اتحاديّاً من قبيل التركيب بين الجنس والفصل ، فيكون موجوداً بوجودٍ واحدٍ منحلٍّ إلى جزءين؟ أقوال.
فعلى القول بالبساطة ـ وهو الحق ـ لا بقاء للجواز بعد ارتفاع الوجوب ، لأنّ الحقيقة شيء واحد ، إمّا موجود وامّا مرتفع ، إذ البسيط لا يتبعّض والواحد لا يتعدّد.
وكذا على القول بالتركيب الاتّحادي ، لأن بقاء الجنس بعد زوال الفصل غير معقول إلاّ متفصّلاً بفصلٍ آخر.
وأمّا على القول بالتركيب الانضمامي ، فيمكن بقاء الجواز ثبوتاً بعد زوال الوجوب ، وهذا واضح.
وحاول المحقق العراقي رحمهالله (١) تصوير بقاء الجواز ثبوتاً على القول بالبساطة ، بأنّ الوجوب عبارة عن الإرادة غير المحدودة بالحدّ العدمي ، وهذه
__________________
(١) نهاية الأفكار (١ ـ ٢) ٣٩٠ ـ ٣٩١.