أوّلاً : إنّه يعتبر في التكليف أن يكون المتعلّق مقدوراً ، ومناط اعتبار القدرة في المتعلّق هو حكم العقل بذلك ـ لا اقتضاء الخطاب كما عليه الميرزا ـ فإن كان متعلّق التكليف هو طبيعي المأمور به لزم وجود القدرة عليه ، وإن كان الحصّة من الطبيعة لزم وجود القدرة عليه كذلك.
وثانياً : إنّه إن كان المتعلّق هو الطبيعة ، فإنّ القدرة عليها تحصل بالقدرة على فردٍ ما منها ، وانطباق الطبيعة عليه قهري.
وثالثاً : إنّ الأمر يستحيل أن يتجاوز عن متعلّقه ، فلو كان المتعلّق هو الطبيعة فلا يتجاوز إلى الفرد.
ورابعاً : إنّ الحاكم بالإجزاء وسقوط الأمر هو العقل ، لأنّه في كلّ موردٍ يكون الانطباق فيه قهريّاً ، فالإجزاء فيه عقلي.
ففي كلّ موردٍ توفّرت هذه المقدّمات ، تكون العبادة صحيحة ، ويندفع اشكال الشيخ البهائي ، وإلاّ فالإشكال وارد ، كما في المضيّقين حيث القدرة منتفية.
رأي الميرزا النائيني
وذهب الميرزا (١) إلى إنكار الثمرة بوجهٍ آخر ، وذلك : لأنّه إن اعتبر قصد الأمر في عباديّة العبادة ، فلا ثمرة كما عن الشيخ البهائي ، وإنْ لم يعتبر فيها ذلك فكذلك ، أمّا بناءً على عدم دلالة الأمر بالشيء على النهي عن ضدّه فواضحٌ ، إذ الضدّ يؤتى به عبادةً لكونه ذا مصلحةٍ ملزمة يجب استيفاؤها ، فيؤتى به بقصدها ولا إشكال في صحتها. وأمّا بناءً على الدلالة ، فإنّ النهي عن الضدّ المزاحم ليس ناشئاً عن مفسدةٍ في المتعلّق ـ وهو الصّلاة ـ ومبغوضيّة ذاتيّة فيه ، بل هو في الواقع يرجع إلى مطلوبيّة الإزالة ، وإذْ ليس في نفس الصّلاة مفسدة ، فلا يكون مثل هذا
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ / ٢١ ـ ٢٢.