السّواد ، وهذا محالٌ لاستلزامه اجتماع الضدّين ، وامّا لا بشرط وجود السّواد ، وهذا أيضاً محالٌ ، لأنّه يجتمع مع وجود السّواد فيلزم اجتماع الضدّين ، ويبقى صورة بشرط لا عن وجود السواد ، فكان عدم الضدّ شرطاً لوجود الضدّ ومقدمةً له.
وقد أجاب طاب ثراه في التعليقة : بأنّه لا يمكن أن تكون قابليّة المحلّ للبياض المشروط بعدم السّواد ، لأنّ عدمه حين يكون شرطاً يكون مفروض الوجود ـ لأن كلّ شرط فهو مفروض الوجود للمشروط ـ فيكون المحلّ قابلاً للبياض المقيّد بعدم السواد ، والحال أنّه قابل بالذات للبياض لا البياض المقيّد بعدم السّواد.
فقال الأُستاذ : وهذا لا يحلّ المشكلة ، لأنّ عدم السّواد دخيلٌ في وجود البياض على كلّ حالٍ ، لأنّ البياض إمّا يكون مع وجود السّواد أو مع عدمه ، فإن كان المحلّ قابلاً لكليهما فهذا محال ، لأنّ القابليّة للمحال محال ، وإن كان قابلاً للحصّة الكائنة مع عدم السّواد من البياض ، لزم دخل عدم السّواد في تحصّص البياض وقابليّة المحلّ لتلك الحصّة ، ودخله في ذلك ـ سواء قال بتقيّد البياض بعدم السّواد أو بأنّه مع عدم السواد ـ هي المشكلة ....
فالبرهان المذكور لا يدلّ على عدم مقدميّة أو دخل عدم الضدّ في وجود الضدّ الآخر.
والبرهان الأخير على عدم مقدميّة عدم أحد الضدّين لوجود الضدّ الآخر هو : ما أشار إليه صاحب الكفاية (١) في قوله : «والمانع الذي يكون موقوفاً على
__________________
(١) كفاية الأُصول : ١٣٢.