هذا ، ولا يخفى أن الميرزا ـ وإن قال بمعقوليّة تعلّق الإرادة التشريعيّة بالمردّد في الوجوب التخييري ، من جهة أنّ أثرها إحداث الدّاعي في نفس المكلّف ، ولا مانع من أن يكون المدعوّ إليه مردّداً ـ لا يقول في الوجوب الكفائي بتعلّقها بالموضوع المردّد ، فهو يفرّق بين الموردين ، ولعلّ السرّ في ذلك هو تعيّن الموضوع في التخييري وتردّد المتعلّق ، ولا محذور ـ عنده ـ في إحداث الداعي نحو المتعلّق المردّد ، أمّا في الوجوب الكفائي ، فالموضوع مردّد ولا يعقل إحداث الداعي مع تردّده ... ولذا قال في تصوير الكفائي بأنّ الموضوع صرف الوجود ـ لا الفرد المردد ـ كما سيأتي.
إنّ موضوع التكليف عبارة عن الكلّي الجامع بين الأفراد ، غير أنّه في مقام التشخّص يتشخص الموضوع بقيام أيّ فردٍ من الأفراد بالمكلّف به ، كما هو الحال في الوضعيّات ، كملكيّة سهم السّادة مثلاً ـ بناءً على أنه لكلّي الهاشمي الفقير ـ حيث الموضوع عبارة عن الكلّي ، ويتعيّن بالقبض والإقباض ، فهنا كذلك ، فقد تعلّق التكليف بالكلّي غير أنّه يتعيّن بمن يقوم بالعمل من أفراد المكلّفين.
وهذا ما نقله المحقق الأصفهاني عن السيد بحر العلوم صاحب بلغة الفقيه (١) في تصوير أخذ الأُجرة على الواجبات.
ثم أشكل عليه : بأنّ البعث والتحريك لا بدّ وأن يتوجّه نحو الشخص ، ولا يعقل أن يكون الكلّي طرفاً للبعث ، لعدم معقوليّة انقداح الإرادة في نفس
__________________
(١) بلغة الفقيه ٢ / ١٨.