وقد استفاد المحقّق الخراساني من هذا المطلب ليعطي الجواب عن إشكال لزوم التفكيك في المقام ، فهو يقول بأنّ عمومات أدلّة الاستصحاب وأدلّة البراءة الشرعيّة حجّة على عدم الملازمة ، فلا موضوع للاّزم المحال وهو التفكيك بين المتلازمين ....
والحاصل : إنّ التعبّد بالأدلّة يثبت عدم وجود الملازمة ، فصحّ جريان الأصل وتمّ عدم وجوب المقدّمة.
هذا تمام الكلام في مقتضى الأصل في وجوب المقدّمة.
قد ذكرنا الأقوال ، ونتعرّض هنا لأدلّتها :
وقد استدل للقول بالوجوب مطلقاً بوجوه :
إنّ الإرادة التشريعيّة على وزان الإرادة التكوينيّة ، فكما أنّ التكوينيّة إذا تعلّقت بشيء تعلّقت بمقدّمته المتوقّف عليها ، غير أنّ تلك إرادة نفسيّة وهذه غيريّة ، كذلك التشريعيّة ... وإن كان فرق بين الإرادتين من حيث أنّ التكوينيّة متعلّقها فعل النفس ، والتشريعيّة متعلّقها فعل الغير عن اختيار. وهذا ما اعتمده في (الكفاية) (١).
وهو أقوى الوجوه ، إذ لا ريب في شيء من مقدّماته. إلاّ أنّ تماميّة هذا الوجه متوقّفة على معرفة حقيقة الحكم ، لأنّ الدليل أفاد أنّه إن حصل الشوق الواصل إلى حدّ النصاب بالنسبة إلى المقدّمة تحقّق الوجوب الغيري لها ، فهل هذا
__________________
(١) كفاية الأُصول : ١٢٦.