وأمّا المانع ، فقد ذكر في الكفاية : إنّ استصحاب عدم الوجوب الشرعي للمقدّمة يستلزم التفكيك بين المتلازمين في صورة الشك ، قال رحمهالله : «نعم لو كانت الدعوى هي الملازمة المطلقة حتى في مرتبة الفعلية لما صح التمسّك بالأصل» (١) هكذا في نسخةٍ. وفي أُخرى «صحّ التمسّك» وعن بعض تلامذته أنّ «لما صحّ» كانت في الدّورة السابقة ، و «صحّ» في الدورة اللاّحقة.
وحاصل الكلام : وجود المانع عن جريان الأصل ـ بعد تماميّة المقتضي له ـ وهو لزوم التفكيك بين الوجوبين.
فأجاب رحمهالله عن الإشكال : أمّا بناءً على كلمة «لما صح» بأنّ الإشكال إنّما يرد لو كانت الملازمة بين الوجوبين ظاهراً وواقعاً ، أمّا لو قلنا بأنّها في الواقع فقط ، دون مقام جريان الأصل ، فلا ملازمة بين الوجوبين ، إذ للشارع أن يتصرّف في مرتبة الظاهر ويرخّص بالنسبة إلى المقدّمة بجريان أصالة عدم وجوبها فيها.
وأمّا بناءً على كلمة «صحّ» فتقريب الإشكال هو : إنّ إجراء البراءة عن وجوب المقدّمة يعني الشك في الملازمة ووقوع التفكيك بين المتلازمين احتمالاً ، وهذا محال كالتفكيك بينهما قطعاً.
فأجاب رحمهالله ـ فيما حكاه المحقّق القوچاني ـ بأنّه في كلّ موردٍ يوجد دليلٌ يستلزم الأخذ به محالاً من المحالات ، فإنّ ظهور ذلك الدليل يكون حجةً على أنْ لا موضوع لذلك اللازم المحال ... ويؤخذ بالدليل ... وهذا هو البيان الذي مشوا عليه في جواب شبهة ابن قبة في حجيّة خبر الواحد باحتمال لزوم تحليل الحرام وتحريم الحلال من العمل بخبر الواحد ، واحتمال لزوم اجتماع الضدّين أو النقيضين من جهة تعذّر الجمع بين الحكمين الظاهري والواقعي.
__________________
(١) كفاية الأُصول : ١٢٦.