المطلوب فيه هو الفعل لا الترك. وبعبارة أُخرى : إن بحثنا في الواجب لا الحرام ، ومن المعلوم أنّ العقاب في الواجبات يكون على ترك الفعل ، ولا بدّ وأن يكون الفعل مقدوراً حتى يجوز على تركه ، لكنّ المقدور فعل واحد ، فليس إلاّ عقاب واحد.
وتلخّص : إن العقاب يتبع كيفيّة التكليف ، فإذا كان مناطه ترك الفعل المقدور ـ لا الترك المقدور ـ فإنّ الفعل المقدور واحد وليس بمتعدّد ، وتركه يستتبع عقاباً واحداً ، فكيف يلتزم الميرزا وغيره باستحقاق العقابين؟
ويؤكّد ذلك : إن لازم كلامهم عدم الفرق بين القادر على امتثال كلا الأمرين التارك لهما ، كما لو قدر على إنقاذ الفريقان فلم يفعل لهما ، والقادر على امتثال أحدهما التارك له ، كما لو تمكّن من إنقاذ أحدهما وترك ، فهل يفتي الميرزا وأتباعه بتساويهما في استحقاق العقاب؟
إنه لا ريب في استحالة تعلّق الإرادتين التكوينيّتين العرضيين بالضدّين ، وكذا الطوليّتان ، بأن تكون احداهما مطلقة والأُخرى مشروطة ، ووزان الإرادة التشريعيّة وزان الإرادة التكوينيّة ، فإذا استحال الترتّب في التكوينيّة فهو في التشريعيّة كذلك.
والجواب : هو إنّ الإشكال يبتني على عدم الفرق بين الإرادتين في جميع الأحكام ، لكن لا برهان على ذلك ، بل هو على خلافه ، لأن النسبة بين الإرادة والفعل في التكوينيّات نسبة العلّة التامّة إلى المعلول ، ولا يعقل تصوير الترتّب هناك ، بأن تكون علّة مطلقة وأُخرى مترتبة عليها ، للزوم الخلف. أمّا في التشريعيّات ، فإنّ الإرادة بالنسبة إلى الفعل من العبد ليست بعلّةٍ تامّة بل هي