فلا وجه لتخصيص المحقق الأصفهاني (١) أحدهما بالتدريجي والآخر بالدفعي.
وذهب المحقق الخراساني إلى الجواز مطلقاً ، وحاصل كلامه (٢) :
تارةً : يكون الغرض قائماً بالأقل بحدّه ، وبالأكثر بحدّه ، بحيث يكون للحدّ دخلٌ في الغرض. فهنا لا محيص عن القول بالتخيير.
وأُخرى : يكون الغرض قائماً بذات الأقل بلا دخل للحدّ فيه ، وكذا في الأكثر. فهنا لا يعقل التخيير.
ففي التسبيحات ـ مثلاً ـ إن كان الغرض الواحد قائماً بالأقل وبالأكثر بحدّهما ، كانت التسبيحة الواحدة حاملةً للغرض كالتسبيحات الثلاث ، فلو أوجب الأقلّ دون الأكثر لزم الترجيح بلا مرجّح ، فلا محالة يكون المكلّف مخيّراً ـ بحكم العقل ـ بين الإتيان بالأقل أو الأكثر ، لأنّ المفروض كون الواجب هو الجامع بينهما ، وكلّ منهما مصداق له بلا فرق.
أمّا لو تعدّد الغرض ، وكان كلٌّ منهما حاملاً لغرضٍ غير الغرض من الآخر ولا يمكن الجمع بينهما ، كان التخيير شرعيّاً ، إذ يكون كلٌّ منهما واجباً مع جواز تركه إلى البدل ، كما تقدّم في المتباينين.
فإن قلت : هذا إنما يتمّ في الدفعي ، لكون كلٍّ من الأقل والأكثر طرفاً فيتحقق التخيير ، وأمّا مع الحصول بالتدريج ، بأن يوجد الأقل ويصير كثيراً حتى يصل إلى الأكثر فلا ، لحصول الامتثال بالأقل.
فأجاب : بعدم الفرق ، لإمكان ترتب الغرض على التسبيحة بقيد الوحدة
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ / ٢٧٣.
(٢) كفاية الأُصول : ١٤٢.