بالمردّد ، لأنّها علّة الوجود ولا يمكن أن يكون معلولها مبهماً ، ولا يعقل البعث والتحريك نحو المبهم ... فظهر الفرق بين العلم والوجوب وبين البعث والإرادة.
وأجاب عن القول بأن الوجوب التخييري هو وجوب كلا الشيئين ، لكن وجوب أحدهما مسقط لوجوب الآخر : بأن الفرضين إن كانا يقبلان الوجود ، فإسقاط أحدهما للآخر مستحيل ، وإن كانا متزاحمين لا يقبلان الوجود معاً ، فأحدهما لا يتحقق ولا تصل النوبة إلى إسقاط الآخر إيّاه.
وعن القول بأن الواجب هو «أحدٌ» معيّن لكن عند الله ... بأنّ المفروض كون كلّ واحدٍ من الشيئين أو الأشياء حاملا للغرض ووافيا به ، فكيف يكون «أحد» معيّن هو الواجب دون الآخر أو الأفراد الأُخرى.
هذا بيان كلام (الكفاية) في هذا المقام.
وقد أشكل المحقق الأصفهاني (١) ـ وتبعه في (المحاضرات) (٢) و (المنتقى) (٣) ـ بأنّ مستند مبنى المحقق الخراساني هو قاعدة أن الواحد لا يصدر إلاّ من الواحد ، ولكنّها إنما تجري في الواحد الشخصي دون النوعي ... وتوضيحه :
إن البرهان على تلك القاعدة هو : إنّ كلّ معلول حدّ ناقص للعلّة ، وكلّ علّةٍ فهو حدّ كامل للمعلول (وقد وضع أهل الحكمة هذه القاعدة في باب صدور العقل الأوّل أو الفيض الأقدس من الباري عزّ وجلّ. لكنّ الحق جريانها في الفاعل الطبيعي. أمّا الله سبحانه وتعالى فيفعل ما يريد وكلّ الأشياء توجد بإرادته مع تكثرها ...) وعليه ، فالمعلول موجود في رتبة وجود العلّة ، كالحرارة الحاصلة من
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ / ٢٦٦.
(٢) محاضرات في أُصول الفقه ٣ / ٢١٦.
(٣) منتقى الأُصول ٢ / ٤٨٥.