المقدمة الرابعة
(قال : وهي أهمّ المقدّمات) :
إن انحفاظ الخطاب في تقديرٍ ما إنما يكون بأحد وجوهٍ ثلاثة ... وحاصل كلامه :
إن الإطلاق ـ وكذا التقييد ـ ينقسم إلى قسمين : فالأول : ما كان الانقسام فيه سابقاً على الخطاب ، كالانقسام إلى البالغ وغير البالغ ، فإنه محفوظ قبل وجود الخطاب. والقسم الثاني : ما كان الانقسام فيه متفرّعاً على الخطاب ، كالانقسام إلى العالم به والجاهل به. ولمّا كان الانقسام الأول يقبل اللّحاظ ، ـ وأنّ الحاكم في ظرف الحكم يلحظه ، فإمّا يعتبر البلوغ وامّا لا يعتبر فيطلق ـ فيسمّى بالإطلاق اللحاظي ، وأمّا الانقسام الثاني فليس كذلك ، غير أنّ ملاك الحكم يمكن فيه التقييد بالعلم ـ مثلاً ـ وإلاّ فالإطلاق ، فيسمّى بالإطلاق الذاتي والملاكي ، ولمّا كان الخطاب فيه غير قابل للإطلاق والتقييد احتاج إلى دليل آخر ، وهذا ما يعبّر عنه بنتيجة الإطلاق ، بخلاف الانقسام الأوّل ، فإن الإطلاق فيه بنفس الدليل الأوّل.
فهذان وجهان لانحفاظ الخطاب ... وقد وقع الخلاف بين الأكابر هنا ، فالميرزا يقول بهذين الوجهين ، ومنهم من يقول : بأنّ الإطلاق في جميع الموارد لحاظي.
والوجه الثالث : ما كان الخطاب فيه محفوظاً ـ لا بالإطلاق اللّحاظي ولا بالإطلاق الملاكي ـ باقتضاء نفس الخطاب ، مثل : وجود الوجوب في مرتبة الإطاعة والمعصية ، فإنّه موجود مع فعل الواجب ومع تركه ، وهذا مقتضى نفس الخطاب.
ولا بدّ هنا من الالتفات إلى أن فعل الواجب أو تركه ، يلحظ تارةً : بعنوان الفعل والترك وأُخرى : بعنوان الطاعة والمعصية ، فإن كان بالعنوان الثاني فهو من