الصّلاة في الوقت ، فتارةً يشك في أصل وجودها وأُخرى يشك في كيفية الصّلاة التي صلاّها ، فإن كان الأوّل ، فتجري ـ في خصوص الصّلاة ـ قاعدة الحيلولة ، ولا يعتبر بالشك. وإن كان الثاني ، فقد تجري قاعدة الفراغ وقد لا تجري ، فيكون مورد ثمرة البحث ، كما لو علم أنّه قد صلّى في الوقت إلى جهةٍ معيّنة ، ثم شك بعد الوقت في كونها جهة القبلة ، أمّا قاعدة الحيلولة فلا تجري ، لأنّ مجراها هو الشك في أصل وجود الصّلاة ، فإن قلنا بجريان قاعدة الفراغ في خصوصيّات العمل ، سواءً كان مورداً للتعليل بالأذكريّة الوارد في النصّ أو لم يكن ، فلا ثمرة للبحث ، لجريان هذه القاعدة. وإن قلنا بعدم جريانها إلاّ في حال كونه حين العمل أذكر ، أخذاً بالتعليل ، ـ وهذا هو المختار ـ فلا مجرى للقاعدة ، لفرض عدم كونه حينئذٍ أذكر ، ترتّبت الثمرة. فعلى القول بأن القضاء بالأمر الأوّل ، فهو واجب ، لأن مقتضى الأمر الأول هو الاشتغال بالنسبة إلى القبلة ، والمفروض هو الشك في وقوع الصّلاة إليها ، فالفراغ مشكوك فيه ، ومقتضى قاعدة أن الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية هو القضاء. وأمّا على القول بأنه بأمر جديد ، فيقع الشك في توجّه أمر جديدٍ يقتضي القضاء ، لأنه إن كان قد صلّى إلى القبلة فلا أمر ، وإلاّ فهو مكلّف بالقضاء ، فهو إذاً شاك في الاشتغال بأمرٍ جديد ، وهذا مجرى البراءة.
إنه لو شك في أنّ دخل الزمان في الواجب هل هو بنحو وحدة المطلوب أو بنحو تعدّده ، فما هو مقتضى القاعدة؟
ذهب الشيخ الأعظم والمحقق الخراساني وأتباعهما إلى البراءة ، لعدم جريان الاستصحاب ، لعدم وحدة الموضوع ، فقد كان مقتضى الدليل هو الصّلاة في الوقت وإذا خرج الوقت تغيّر الموضوع.