لكنّ الحقّ ـ كما عليه المحققون ومشايخنا ـ أنّ هذا خلاف الارتكاز العقلائي ، فإنّ العقلاء لا يرون استحقاق العقاب إلاّ على ترك ذي المقدّمة ، وهم يرون قبح ترك المقدمة لأنه يؤدّي إلى ذلك.
قال شيخنا : اللهم إلاّ إذا خولف الأمر الغيري عصياناً لنفس الأمر الغيري. لكنّ مثل هذه الحالة قليل جدّاً ، ولذا كان الارتكاز العقلائي ـ على وجه العموم وبالنظر إلى عامّة الناس ـ قائماً على عدم استحقاق العقاب لمخالفة الأمر الغيري.
الأمر الثاني
كيفيّة عباديّة الطّهارات الثلاث
ثم إنه بناءً على أن الأمر الغيري لا يستحقُّ على امتثاله الثواب ، فقد وقع الكلام بين الأعلام في الطهارات الثلاث ، لأنّ الأوامر المتعلّقة بها غيريّة ، مع أنها يترتّب عليه الثواب بلا إشكال؟
وأيضاً : الأوامر المتعلّقة بالمقدّمات توصّلية وليست بعباديّة ، لأنّ الغرض من المقدّمة هو التوصّل إلى ذي المقدّمة وليس يترتّب عليها غرض آخر ، وعليه فهي غير منوطة بقصد القربة ، لكن الإتيان بالطهارات بلا قصد القربة باطلٌ ، فكيف الجمع؟
رفع المحقّق الخراساني الإشكال فيها
أجاب المحقّق الخراساني (١) عن الإشكال الأوّل : بأنّ ترتّب الثواب على الطهارات إنّها هو من جهة المطلوبيّة النفسيّة لها كما في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُحِبُ
__________________
(١) كفاية الأُصول : ١١١.