أنّا لمّا نراجع الوجدان ـ في المرادات التكوينيّة ، كإرادتنا للأكل والشرب والضرب ، والتشريعيّة ، كإرادتنا صدور تلك الأفعال من الغير ـ نرى أن متعلّق الطلب والإرادة ليس إلاّ وجود الطبيعة ولا دخل للزمان والمكان ... غير أنّ الفرق بين الأمر والنّهي هو أنّ متعلّق الطلب في الأولى هو صرف الإيجاد وفي الثاني محض الترك ، ولا يخفى وجود الخلاف في حقيقة الأمر والنهي ، فقيل : الأمر هو البعث نحو المادّة والنهي هو الزجر عنها ... وعلى هذا لا دخل للوجود والعدم في المتعلّق. وقيل ـ وهو مسلك الكفاية ـ أن المدلول في الأمر والنهي ليس إلاّ الطلب ، غير أن متعلّقه في طرف الأمر هو الوجود وفي طرف النهى هو الترك والعدم.
أمّا صاحب الفصول والمحقق القمي ، فقد استدلاّ للمدّعى بالتبادر ، وبأن مادّة المتعلّق ـ مثل الصّلاة ـ ليست إلاّ الصّلاة ، والخصوصيّات الزائدة عليها لا دخل لها في المادّة.
فظهر أنّ الأدلّة للمدعى ثلاثة :
١ ـ تبادر الطبيعة إلى الذهن.
٢ ـ مادّة متعلّق الأمر.
٣ ـ الوجدان.
الإشكال على المحقق الخراساني
ثم إنّ الأُستاذ أورد على ما تقدّم عن الكفاية بما يلي :
أوّلاً : إنه جعل مدلول الأمر طلب الفعل ، ومدلول النهي طلب الترك. فيرد عليه الإشكال في الأوامر التي هي هيئات عارضة على المواد ـ وهي الأكثر في الأوامر ـ بأنّ الهيئات معاني حرفيّة ، و «الطلب» معنى اسمي ، فكيف يصير المعنى الاسمي مدلولاً للهيئة؟