وهذا هو الدّور في الوجود ، وهو بيانه في الدّورة الأُولى (١).
وأمّا بيان الدور في الوجوب ـ وهو ما يستفاد من كلامه في الدورة الثانية (٢) ـ فهو : إنّه قد تقدّم كون عنوان الموصليّة منتزعاً من وجود ذي المقدّمة ، وعليه ، فذو المقدّمة من قيود المقدّمة الموصلة ومن مقوّماتها ، فيقع الدور في الوجوب ، من جهة أنّ وجوب ذي المقدّمة علة لوجوب المقدّمة ، إلاّ أنّه لو لا وجوب المقدّمة لما وجب ذو المقدّمة ، لكونه من قيودها كما تقدّم.
وأمّا الخلف أو التسلسل ، فلأنّ الواجب لو كان خصوص المقدّمة الموصلة كانت ذات المقدّمة من مقدّمات تحقّق المقدّمة خارجاً ، فإنْ كان الواجب هو الذات فقط بلا تقيّد بالايصال ، لزم الخلف ، وإن كان الذات المقيَّدة بالإيصال هو الواجب ، كان نسبة «الذات» إلى «الإيصال» نسبة «المقدّمة» إلى «ذي المقدّمة» ، وحينئذٍ ، ينتقل إلى الذات وأنّها واجبة مطلقاً أو مقيَّدة بالإيصال. والأوّل خلف والثاني مستلزم للتسلسل.
والجواب :
وقد أجاب السيد الأُستاذ عن هذه المحاذير (٣) وكذا شيخنا دام بقاه ، فأفاد ما ملخّصه :
أمّا عن لزوم الدور في الوجود ، فلأنّ وجود ذي المقدّمة غير متوقّف على المقدّمة بوصف الوجود ، إذ لا دخل لوصفها بالوجود في تحقّق ذيها ، بل إنّه موقوف على ذاتها.
وأمّا عن لزوم الدور في الوجوب ، فلأن الوجوب النفسي لذي المقدّمة
__________________
(١) فوائد الأُصول (١ ـ ٢) ٢٩٠ ط جماعة المدرّسين.
(٢) أجود التقريرات ١ / ٣٤٥ ـ ٣٤٦.
(٣) منتقى الأُصول ٢ / ٢٩٦.