وأورد عليه شيخنا ـ في كلتا الدورتين ـ بأن ما ذكره يناقض ما ذهب إليه ـ تبعاً للمحقق العراقي ـ من عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة الكليّة الالهية الإلزاميّة ـ خلافاً للمشهور بين المحققين ـ من جهة المعارضة بين استصحاب بقاء المجعول مع استصحاب عدم الجعل ، كما لو شك في جواز وطئ المرأة بعد انقطاع الدم وقبل الغسل ، فالأصل بقاء الحكم المجعول وهو حرمة الوطء في حال الحيض ، لكن هذا الأصل معارض باستصحاب عدم جعل الحرمة لهذه الحال بالخصوص ، فالوجوب والحرمة أمران مجعولان شرعاً. بينما يقول هنا بأنهما غير مجعولين من قبل الشارع ، فكيف يقع التعارض؟
وأمّا قضيّة أن حقيقة النسخ هو الدفع ، بمعنى انتهاء أمد الحكم ، فإنّه لا منافاة بين انتهاء أمد الحكم الوجوبي وبقاء أصل الجواز.
فالمختار في المقام
هو عدم البقاء ثبوتاً ، من جهة أنّ الوجوب أمر بسيط ، سواء كان انتزاعيّاً أو واقعيّاً. وما ذكره المحقق العراقي من تصوير المسألة بناءً على هذا القول ، قد عرفت ما فيه.
هذا تمام الكلام في المقام الأول.
إنه بناءً على تماميّة بقاء الجواز ثبوتاً ـ كما عليه المحقق العراقي ـ تصل النوبة إلى مقام الإثبات والبحث عن دلالة الدليل على البقاء ، ولا دليل إلاّ الناسخ والمنسوخ. وتقريب الاستدلال هو : إن حكم الدليل الناسخ بالنسبة إلى الدليل المنسوخ حكم دليل الاستحباب بالنسبة إلى دليل الوجوب ، فكما يقتضي ذاك