تناسب مقام الثبوت.
قال المحقق العراقي (١) : إذا تعلّق الأمر بأحد الشيئين أو الأشياء على وجه التخيير ، فالمرجع فيه ـ كما عرفت ـ إلى وجوب كلّ واحدٍ لكن بإيجابٍ ناقص ، بنحو لا يقتضي إلاّ المنع عن بعض أنحاء تروكه وهو الترك في حال ترك البقية ، من غير فرقٍ في ذلك بين أن يكون هناك غرض واحد يقوم به كلّ واحد فرد ـ ولو بملاحظة ما هو القدر الجامع ـ أو أغراض متعددة ، بحيث كان كلّ واحد تحت غرضٍ مستقل وتكليف مستقل ، وكان التخيير من جهة عدم إمكان الجمع بين الغرضين ، إما للتضادّ بين متعلّقهما كما في المتزاحمين أو بين نفس الغرضين في عالم الوجود ، بحيث لا يبقى مع استيفاء أحد الغرضين في الخارج مجال لاستيفاء الآخر ، أو في مرحلة أصل الاتّصاف ، بحيث مع تحقق أحد الموجودات واتّصافه بالمصلحة لا تتصف البقيّة بالغرض والمصلحة والحاصل : إن الواجب التخييري ما يكون وجوبه وجوباً ناقصاً.
قال الأُستاذ : لا فرق جوهري بين هذا الطريق وطريق المحقّق الأصفهاني ، لأن الوجوب الناقص ـ في الحقيقة ـ هو الوجوب المشوب بجواز الترك.
نعم ، بينهما فرق من جهة أنه على القول بالوجوبين المشوبين بجواز الترك ، يكون العقاب المترتب في حال ترك كلّ الأطراف عقاباً واحداً ، أمّا على قول المحقق العراقي ، فقد صرّح بلزوم تعدّد العقاب في بعض الصّور ، فهو يقول بأنه لو ترك الجميع وكان الغرض منها غرضاً واحداً يقوم بالجامع بينها ، كان العقاب واحداً لا متعدّداً ، وكذا لو كان لكلٍّ غرضٌ ، لكن الغرضين كانا بحيث أنه مع تحقّق
__________________
(١) نهاية الأفكار (١ ـ ٢) ٣٩١ ـ ٣٩٢.