يتصوّر وجوبان ، إذ الوجوب الغيري عنده ما وجب لواجبٍ آخر.
وأجاب المحقّق الخراساني عن الإشكال : بأنّ من العناوين ما يكون حسناً في نفسه ، وإنْ أمكن كونه مقدّمةً لأمر مطلوبٍ واقعاً ، ومنها ما لا يكون حسناً في نفسه وإنّما يكون وجوبه لكونه مقدمةً لواجب نفسي وإن اتّصف بعنوانٍ حسن في نفسه. مثلاً : التأديب عنوان متّصف بالحسن ، أمّا الضرب فلا يتّصف بنفسه بالحسن وإنّما يكون حسناً في حال وقوعه مقدمةً للتأديب.
فكلّ ما كان من قبيل الأوّل فهو واجب نفسي ، إذ قد لوحظ حسنه وقد أُمر به بالنظر إلى ذلك ، وما كان من قبيل الثاني ، أي لم يكن له حسن في نفسه ، وإنّما تعلّق به الأمر من أجل التوصّل به إلى أمرٍ حسن ، أو كان ذا حسن في نفسه لكنّه لم يكن الأمر به بالنظر إلى ذلك ، فهو واجب غيري. فنصب السلّم ليس له حسن في نفسه ، وإنما يؤمر به من أجل الصعود إلى السطح ـ المفروض حسنه ـ فهو واجب غيري ، بخلاف الوضوء ، فله جهة حسنٍ ، لأنّ الله تعالى يقول (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرينَ) (١) والإمام عليهالسلام يقول : «الوضوء نور» (٢). فإنْ تعلّق به الأمر بالنظر إلى هذه الجهة كان مطلوباً نفسيّاً. أمّا إذا كان الأمر به لا بلحاظ ما ذكر بل بالنظر إلى شرطيّته للصّلاة وأنّه «لا صلاة إلاّ بطهور» (٣) كان واجباً غيريّاً.
قال : ولعلّه مراد من فسّرهما بما أُمر به لنفسه وما أُمر به لأجل غيره.
فكان تعريفه له : إنّ الواجب النفسي : ما وجب لحسنه ، والواجب الغيري :
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٢٢.
(٢) وسائل الشيعة ١ / ٣٧٧ الباب ٨ من أبواب الوضوء.
(٣) وسائل الشيعة ١ / ٣٦٥ الباب الأول من أبواب الوضوء.