اختلال للنظام ، وهذا باطل.
والحاصل : إنّ كلام هذا المحقّق يستلزم جواز مخالفة المولى الحقيقي حيث لا يترتّب على المخالفة اختلال للنظام العقلائي ، وأنّه في حال عدم لزوم الاختلال فلا دليل على وجوب إطاعة أوامر الباري وحرمة معصيته ، وهذا اللازم باطل ، لأنّ العقل مستقل بلزوم إطاعة المولى الحقيقي في جميع الأحوال وعلى كلّ التقادير.
والمختار عند الأُستاذ : أمّا استحقاق العقاب ، فلا ريب في ترتّبه على المخالفة والمعصية للمولى الحقيقي. وأمّا استحقاق الثواب على الطاعة ، بمعنى أن يكون للعبد حق المطالبة ، فهذا باطل ، لأنّ القدرة على الطاعة وتحقّقها من العبد تفضّل منه ، وهذه خصوصيّة المولى الحقيقي هذا أولاً. وثانياً : إنّ أوامر المولى ونواهيه كلّها ألطاف ، لأنه بالامتثال لها يحصل له القرب من المولى ، وهذا نفع للعبد المكلّف.
(قال) : لكنّ المهمّ هو معرفة المولى الحقيقي حق معرفته ، وما عرفناه! كما قال تعالى (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) (١) ومن عرفه كذلك كان مصداقاً لقوله (يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) (٢) إذن ، لا بدّ أوّلاً من معرفة المولى معرفةً كاملةً ، ومن حصلت له تلك المعرفة حصل عنده تقوى الله حقّ تقاته ، أي أداء حق العبوديّة والقيام بالوظيفة على نحو الكمال.
ومن معرفته تعالى هو : أنْ نعرف أنّ عدم إعطائه الثواب على الأعمال
__________________
(١) سورة الأنعام : ٩١.
(٢) سورة آل عمران : ١٠٢.