غير باقٍ ليكلّف الباقون.
وحاصل الكلام هو : إن الفرق بين الوجوب العيني والوجوب الكفائي هو في طرف موضوع التكليف ، فهو في الأول لا بشرط وفي الثاني بشرط ، أي هو الميت الذي لم يغسّل ولم يكفن ولم يصلّ عليه ولم يدفن ، فإذا تحقّق ذلك كلّه في حقّه من واحد ، فلا موضوع لتكليف سائر المكلّفين ، ويكون سقوط التكليف عنهم لانتفاء الموضوع ، خلافاً للسيد البروجردي ، إذ جعل العيني مشروطاً بصدوره عن فاعلٍ خاصٍ والكفائي لا بشرط ... وهذا مختار المحقق الإيرواني (١).
وقد أورد الشيخ الأُستاذ على هذا الوجه : بأنّ كلّ موضوع فهو بقيوده مقدّم رتبةً على الحكم ، وكلّ حكم متأخّر عن موضوعه بالتأخّر الطبعي ، فكان نسبة الموضوع إلى الحكم نسبة العلّة إلى المعلول ، وإن كانت العلّة الواقعيّة هي إرادة المولى.
وأيضاً : فإنّ الرافع للشيء لا بدّ وأن يكون متقدّماً على الشيء رتبةً ، لأنه العلّة لعدمه ، وإلاّ فلا يكون رافعاً له.
وأيضاً : فإنّ الإهمال في الموضوع وقيوده محال.
وبناءً على هذه المقدّمات نقول : إذا كان تغسيل الميّت واجباً على زيدٍ أو عمرو كفايةً ، وكان وجوبه على كلٍّ منهما مقيّداً بعدم كون الميت مغسّلاً بواسطة الآخر ، كان الرافع للموضوع الموجب لانتفاء تكليف زيد ، هو تغسيل عمرو ، وحينئذٍ يتوجّه السؤال : هل كان تغسيل عمرو ـ الرافع لموضوع تكليف زيد ـ مهملاً ، أي هو رافع له سواء كان المأمور به أو لا؟ لا ريب في عدم الإهمال بل هو
__________________
(١) نهاية النهاية ١ / ٢٠٣.