فالحاصل : إنّه لا مقتضي من قبل الخطاب لاعتبار القدرة في المتعلّق ، وكذا العقل ، فإنّه لا يقتضيه إلاّ في ظرف الامتثال ، فإذا لم يكن المكلّف حين جعل التكليف قادراً على الامتثال وأصبح قادراً عليه في ظرفه ، صحّ التكليف ولا قبح فيه عقلاً.
جواب الأُستاذ
وقد أجاب عنه الأُستاذ : بأنّ اعتبار المولى الفعل على ذمّة المكلّف فعل اختياري له ، وكلّ فعل اختياري فهو معلول للغرض ، وليس الغرض إلاّ جعل الداعي للعبد نحو الفعل ، وحينئذٍ تعود نظرية الميرزا من أن جعل الداعي يقتضي القدرة على المدعوّ إليه ، فلو كان عاجزاً عن الامتثال لم يمكن من المولى جعل الداعي له ، فإنْ كان التكليف مطلقاً جعل الداعي كذلك ، وإنْ كان مشروطاً بشرطٍ كان الداعي في ظرف تحقّق الشرط ، وأمّا إن كان معلّقاً ـ بأنْ يكون الوجوب فعليّاً والواجب استقباليّاً ـ فإنْ البعث الإمكاني الفعلي نحو الأمر المتأخّر يقتضي إمكان الانبعاث في الواجب في ظرفه ، وكذلك الحال بناءً على إنكار الواجب المعلّق ، فإنّ البعث الإمكاني يقتضي الانبعاث الإمكاني.
فالحاصل : إنّه على جميع التقادير والأقوال : البعث الإمكاني يقتضي الانبعاث الإمكاني.
وذكر المحقّق العراقي في (المقالات) (١) ـ مشيراً إلى نظريّة الميرزا بعنوان التوهّم ـ ما حاصله : إنّ القدرة على الامتثال من الأُمور الدخيلة في فاعليّة الإرادة حتّى لو لم يكن الخطاب فعليّاً ، وحقيقة الحكم هي الإرادة المبرزة ، فإنْ أُريد
__________________
(١) مقالات الأُصول ١ / ١٠٦.