وحينئذٍ ، يستحيل تقيّد وجوب المقدمة بإرادة ذيها ، لأنّ الوجوب إنما هو من أجل أن يؤثّر في الإرادة ، فاشتراطه بها تحصيل للحاصل ... ووجوب شيء في حال أو حين إرادة ذلك الشيء ، فإنّه تحصيل للحاصل كذلك.
إذن ، ليس وجوب المقدّمة مشروطاً بإرادة ذي المقدّمة ، ولا هو في حال إرادته.
والحاصل ، إنّه بعد ثبوت التبعية ، يستحيل الاشتراط بالإرادة أو التقييد بحالها ، وإلاّ يلزم التفكيك بين الوجوبين الغيري والنفسي.
وهو القول المنسوب إلى الشيخ (التقريرات) (١) ، بأنّ المقدّمة مقيّدة بداعي التوصّل ، وهو قيد اختياري ، بخلافه في القول الثالث ، فإنّه قيد قهري كما سيأتي ، ... وأيضاً ، هو قيدٌ للواجب لا للوجوب.
وقد استدلّ لهذا القول :
بأنّ ما يتوقّف عليه الشيء معنون بعناوين ، لكنّ العنوان الذي يدخل تحت الأمر الغيري بحكم العقل هو عنوان المقدميّة لذي المقدّمة ، فنصب السلّم مثلاً يتصوّر له أكثر من عنوان ، إلاّ أنّ متعلّق الأمر الغيري فيه عنوان المقدميّة للصعود إلى السطح ، إذ الأمر لم يتعلّق به بعنوان نصب السلّم بما أنّه كذلك بل بما أنّه مقدّمة ... وإذا كان هذا هو المتعلّق للأمر ، فلا ريب أنّ الأمر لا يدعو إلاّ إلى متعلّقه ، وداعويّته لغير المتعلّق مستحيلة ، فإذا لم يؤت به بهذه الخصوصيّة لم يتحقّق الامتثال.
وعلى هذا ، فإن مصداق الواجب ـ سواء في المقدّمات العباديّة أو غيرها ـ
__________________
(١) مطارح الأنظار : ٧٢ ـ ٧٣.