مورد الواجبات أشدُّ وأقوى منها في مورد المستحبات ، فهذا باطل ، لأنّ ما به التفاوت بين الواجب والمستحب هو الغرض وليس الإرادة ... ولا اختلاف في مرتبة الإرادة.
وعلى الجملة ، فإنّه ليس الوجوب المرتبة الشديدة من الإرادة والمستحب المرتبة الضعيفة منها ، بل إنّ إرادة المريد إن تعلّقت بأمرٍ جائز الترك عنده فهو المستحب ، وإنْ تعلّقت بأمرٍ غير جائز الترك عنده فهو الواجب ... ومن الواضح أنّ جواز ترك الشيء وعدم جوازه يتبع الغرض منه ... وإلاّ ، فالإرادة كيفيّة نفسانيّة ، والكيفيّات النفسانيّة ليس لها مراتب.
وأورد عليه الأُستاذ : بأنّ الوجوب إن كان من الأُمور الاعتباريّة ، فالمراد أنّ المعتبر في الوجوب هو المرتبة الأكيدة من الطلب ، كما أنّ المعتبر في الاستحباب هو المرتبة الضعيفة منه ، فالشدّة والضعف يرجعان إلى المعتبر لا الاعتبار حتّى يقال بأنّه لا حركة في الاعتباريات. وإن كان هو الإرادة والكيف النفساني ، فالشدّة والضعف في الإرادة واختلاف المرتبة فيها أمر واضح ... فاعتراضه على صاحب (الكفاية) غير وجيه.
وأمّا دعواه : بأنّ الاختلاف بين الوجوب والاستحباب ناشئ من اختلاف الغرض منهما لا من اختلاف المرتبة في الإرادة ، فمندفعة : بأنّه يستحيل تخلّف الإرادة عن الغرض ، سواء في أصله وفي مرتبته ، إذ النسبة بينهما نسبة المعلول إلى العلّة ، وعلى هذا ، فإذا كان الغرض في الواجب آكد كانت الإرادة فيه كذلك لا محالة ، فقوله : بأنّ الاختلاف بين الاستحباب والوجوب هو بالغرض لا باختلاف المرتبة في الإرادة ، مردود. اللهمّ إلاّ بأن يقال بعدم تبعيّة الإرادات