وأمّا الطريق الثاني للكشف عن الملاك ، الذي جاء به صاحب الكفاية ، فهذا توضيحه :
إنّ الشيء قد يكون متعلّقاً للأمر بنفسه وقد يكون متعلّقاً له لكونه مصداقاً للطبيعة المأمور بها ، فالأوّل : كالصّلاة في المسجد ، فيما لو أُمر بالصّلاة فيه ، والثاني : كالصّلاة فيما لو قال : «صل».
وفي المقابل : ما لا يكون متعلّقاً للأمر لا بنفسه ولا بكونه مصداقاً ، وهذا يكون على ثلاثة أنحاء :
الأوّل : ما خرج عن المصداقيّة للطبيعة المأمور بها بالتخصيص اللفظي ، كقوله لا تكرم الفساق ، المخرج لهم عن عموم أكرم العلماء.
والثاني : ما خرج عن المصداقيّة للطبيعة المأمور بها بالتخصيص العقلي ، كموارد اجتماع الأمر والنهي ، حيث تخرج الصّلاة في الدار المغصوبة عن الطبيعة المأمور بها ، بحكم العقل بعدم صلاحيّتها للمقربيّة.
والثالث : ما خرج عن المصداقيّة للطبيعة المأمور بها مع تماميّة المقتضي ، لوجود المانع والمزاحم من الفرديّة والمصداقيّة ، كالصّلاة في وقت الإزالة ، فإنّها تخرج عن الفرديّة للصّلاة المأمور بها ، والمخرج ليس المخصّص اللفظي أو العقلي حتى يكشف عن عدم الملاك ، بل الملاك موجود والمخرج هو عدم القدرة ، فإنّ القدرة دخيلة في توجّه الخطاب ، وبدونها لا يتوجّه إلى المكلّف ، وعلى الجملة ، فإنّ المزاحمة مع الإزالة الواجبة توجب سلب القدرة عن المكلّف ، فيمتنع تكليفه بالصّلاة مع وجود المقتضي لذلك ، بحيث لو لم يكن النهي الغيري مانعاً عن التكليف ، وكان الأمر بالشيء غير مقتضٍ للنهي عن ضدّه