وقد ناقشه شيخنا الأُستاذ دام بقاه نقضاً وحلاًّ :
أمّا نقضاً : فبأن لازم ما ذكره انكار المانعيّة وإبطال الجزء الأخير من العلّة التامّة.
وتوضيحه : إنّه لا تتحقّق المانعيّة إلاّ مع التضادّ بين المانع والممنوع ، بأنْ يكون المانع نفسه أو أثره ضدّاً للممنوع ، وأمّا حيث لا مضادّة بينهما أصلاً فالمنع محال ، فإنْ كان نفس المانع ضدّاً فالمانعيّة متحقّقة لا محالة ، وقد تقدّم مراراً أنّ عدم المانع مقدّمة لوجود الممنوع ، لكونه الجزء الأخير للعلّة التامّة ، وإنْ كانت المانعيّة بسبب التضاد بين الممنوع وأثر المانع ، كان عدم المانع الذي هو المنشأ للأثر مقدّمة لوجود الممنوع ... وسواء كان الضدّ للممنوع هو المانع نفسه أو أثره ، فلا بدّ وأنْ يكون هناك مقتضٍ لوجوده وإلاّ لما وجد ولما تحقّقت المانعيّة ، وقد تقدّم أنّ إسناد عدم الضدّ إلى وجود المانع منوط بتماميّة المقتضي ، فثبت تحقّق المقتضي للضدّين ، وإلاّ يلزم إنكار كون عدم المانع من مقدّمات وجود الضدّ ، وهو خلاف الضرورة العلميّة.
وأمّا حلاًّ ، فإنّ كبرى استدلاله مسلّمة ، فاقتضاء المحال ـ وهو هنا اجتماع الضدّين في الوجود ـ محال بلا ريب ، لأنّه لو كان المحال قابلاً للوجود خرج عن المحاليّة الذاتية ، وهذا محال. إنّما الكلام في الصغرى وهي : أنّه لو كان عدم أحد الضدّين مقدّمة لوجود الآخر ، لزم اقتضاء المحال ... لأنّ الاستحالة الذاتية إنّما هي في اجتماع الضدّين في الوجود ، فوجود هذا مع وجود ذاك محال ، أمّا وجود كلٍّ منهما فليس بمحال ، والوجود يحتاج إلى مقتضٍ ، ووجود المقتضيين للضدّين ليس بمحال ... وتوضيحه :