ما وجب للتوصّل إلى ما هو حسن بنفسه (١).
وما ذهب إليه وإنْ سلم من الإشكال الوارد على تعريف الشيخ ، ولكنْ قد أورد عليه بوجوه :
الأول : إنّ أكثر الواجبات الشرعيّة غير متّصفة بالحسن العقلي حتّى يقال بأنّها قد وجبت لحسنها ، فإن كان حسنها من أجل ترتّب المصلحة عليها ، عاد إشكال كونها غيريّةً لا نفسيّة. فما ذكره ـ من أنّ الواجب النفسي ما وجب لحسنٍ في نفسه ـ غير صادقٍ على عمدة الأحكام الشرعيّة.
والثاني : كلّ شيء تعنون بعنوان ، فإمّا يكون عنواناً ذاتيّاً له ، وامّا يكون عنوان عرضيّاً له ، لكنّ كلّ ما بالعرض فلا بدّ وأنْ ينتهي إلى ما بالذات ... وحينئذٍ نقول :
إنّ العنوان الحسن بالذات عقلاً ليس إلاّ العدل ، كما أنّ العنوان القبيح بالذات عقلاً هو الظلم ، ولذا لا يزول الحسن عن العدل أبداً كما لا ينفصل القبح عن الظلم أبداً ، بخلاف مثل حسن الصّدق وقبح الكذب كما هو معلوم ، وعلى هذا ، فلا بدّ وأن ينتهي حسن الواجبات الشرعيّة إلى «العدل» فينحصر الواجب الشرعي بهذا العنوان فقط ، ولا واجب آخر غيره ، وهذا ما لا يلتزم به صاحب الكفاية.
والثالث : إنّه بناءً على ما ذكره من مقدوريّة الأغراض مع الواسطة ، يلزم أنْ يجتمع عنوان «النفسية» وعنوان «الغيرية» في كلّ واجبٍ من الواجبات. أمّا الأوّل ، فلفرض وجود الحسن فيه. وأمّا الثاني ، فلكونه مقدّمة لحصول الغرض منه ، فلم يتمحّض واجب من الواجبات الشرعيّة في النفسيّة.
__________________
(١) كفاية الأُصول : ١٠٨.