هذا كلّه بالنسبة إلى العينيّة.
وأمّا القول بالدّلالة التضمّنيّة ، فبطلانه واضح ، لكون الوجوب أمراً بسيطاً على جميع المباني في حقيقة الأمر.
وأمّا القول بالدلالة الالتزاميّة ، بأن يكون الأمر بالشيء دالاًّ على النهي عن تركه بالالتزام ، فإنّ اللزوم ـ سواء أُريد منه اللّزوم بنحو البيّن بالمعنى الأخصّ ، وهو ما لا ينفك تصوّر أحد المتلازمين عن تصوّر الآخر ، كتصوّر العمى الذي لا ينفك عن تصوّر البصر ، وكذا نحوهما من الملكة وعدمها ، أو بنحو اللّزوم بالمعنى الأعمّ ، وهو ما إذا تصوّر الإنسان كليهما أذعن بالملازمة بينهما ـ لا ينطبق على شيء من الأقوال في حقيقة الأمر والنهي ، وهي : القول بأنّهما الإرادة والكراهة ، والقول بأنّهما البعث والزجر ، والقول بأنّهما طلب الفعل وطلب الترك ، والقول باعتبار اللاّبدّية واعتبار الحرمان.
نعم ، هناك تلازم بين الحبّ والبغض ، بمعنى أنّه لو أراد شيئاً كره وأبغض تركه ، وهذا اللّزوم هو بنحو اللّزوم البيّن بالمعنى الأعمّ ، إلاّ أنّه لا ربط له بالملازمة بين الأمر والنهي ، إلاّ أن يقال بأنّ حقيقة الأمر بالشيء إرادته بالشوق البالغ حدّ النصاب ، وحقيقة النهي كراهيّة الشيء مع البغض الشديد له البالغ حدّ النصاب ، سواء أبرز أو لا ، لكنْ لا قائل بهذا ، لأنّ القائلين بأنّ حقيقة الأمر والنهي هي الإرادة والكراهة يقولون باعتبار إبرازهما.
وتحصّل : أنّ الدلالة الالتزاميّة ساقطة ، كسقوط التضمّنيّة والعينيّة ، وأنّ القول بدلالة الأمر على النهي عن ضدّه العام باطل على جميع الوجوه.