صرح القرآن الكريم : بأن الأنبياء «عليهمالسلام» قادرون على إخبار الناس حتى بما يأكلون ، وبما يدخرونه في بيوتهم ، وبأنه سبحانه قد أرسل النبي «صلىاللهعليهوآله» شاهدا على قومه .. ولهذا البحث مجال آخر.
وفود غسان :
وقدم وفد غسان على النبي «صلىاللهعليهوآله» في شهر رمضان سنة عشر ، وهم ثلاثة نفر ، فأسلموا وقالوا : لا ندري أيتبعنا قومنا أم لا؟ وهم يحبون بقاء ملكهم ، وقرب قيصر ، فأجازهم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بجوائز ، وانصرفوا راجعين ، فقدموا على قومهم ، فلم يستجيبوا لهم ، وكتموا إسلامهم (١).
ونلاحظ هنا :
١ ـ أن هؤلاء القوم يرون أن دخولهم في الإسلام يذهب ملكهم عنهم ، مع أن الأمر ليس كذلك ، فقد رأينا أنه «صلىاللهعليهوآله» يريد للناس المزيد من القوة والشوكة والسعادة ، ولم يسلب أحدا ممن أسلم ملكه ، بل زاده الإسلام شوكة وعظمة ونفوذا ، وأصبح كل من يدخل منهم في الإسلام يجد في سائر الأمم التي أسلمت عونا له ، وقوة ، وعامل ثبات وبقاء ..
أما قيصر ، فكان يريدهم لنفسه ، فهو يريد أموالهم لا ليقسمها في فقرائهم ،
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٣٩١ عن زاد المعاد وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٥ ص ٢٢٣ ، وعيون الأثر ج ١ ص ٣١٦ ، والطيقات الكبرى لابن سعد ج ١ ص ٣٣٩ ، وتاريخ مدينة دمشق ج ٦٨ ص ٩٤ ، والسيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٧٧.