البداوة مذمومة :
هذا .. وقد قال تعالى على لسان يوسف «عليهالسلام» مخاطبا أباه : (.. وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ ..) (١).
ما يعني أن الخروج من حياة البدو كان نعمة عظيمة توازي خروجه من السجن.
وقال تعالى أيضا : (يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً) (٢).
فهو تعالى يذم هؤلاء الناس على أن الأمر قد بلغ بهم حدا فقدوا معه الموازين ، واختلت فيه المعايير لديهم ، بسبب حبهم للدنيا وزخارفها ، فكانوا يهربون من الجهاد الذي هو من أشرف الأعمال وأعظمها ، لما فيه من حماية لحياة المسلمين ، وحفظ لعزتهم ودولتهم ، والدفع عن منجزاتهم الحضارية ، ويفضلون عليه أحط الخيارات وأرخصها ، وأتفهها. ألا وهو أن يكونوا بادين في الأعراب ، ولا يكونوا في ساحات الشرف والجهاد والكرامة.
آثار البداوة على الإنسان العربي :
وبالرجوع إلى التاريخ نلاحظ : أن الإنسان العربي كان آنئذ يعيش البداوة بأجلى مظاهرها ، وربما لم تكن له علاقة بالأرض ، ولا يراوده حنين
__________________
(١) الآية ١٠٠ من سورة يوسف.
(٢) الآية ٢٠ من سورة الأحزاب.