راوي حديث الطفيل :
وقد يلاحظ على الحديث المتقدم : أنه مروي عن الطفيل نفسه ، فيحتمل أنه من حرصه يريد أن يجر النار إلى قرصه ، ليكون هو الرابح الأكبر لو صدّق الناس روايته ..
أبو الطفيل يطرد أباه :
ثم إننا لم نجد تفسيرا لطرد الطفيل أباه ، بقوله : إليك عني يا أبت الخ .. إلا إذا كان عذره هو الجهل الذريع ، وسوء الفهم ، والخطأ الفاضح في التقدير ، وسوء الأدب ، فإن أبا الطفيل كان قد أظهر الإسلام قبل مدة وجيزة ، ولم يعرف من آدابه وأخلاقياته ، ومفاهيمه وشرائعه ، وعقائده إلا القليل ..
ولكنه عذر موهون ، فإن محاسن الأخلاق ، وقواعد الأدب لم تكن أمورا يجهلها الإنسان العربي حتى الجاهلي ، ولا سيما الأدب مع الأبوين ..
ثم إنه إذا كان قد أسلم ، فالمفروض فيه هو : أن يقبل على أبيه ، ويعامله برفق ، ويظهر له التغير الأخلاقي إلى الأصلح ، ويبين له محاسن الإسلام ، وموافقته لما تقضي به الفطرة ، وما تحكم به العقول ، ويصر عليه بقبول الإسلام والإيمان.
أما أن يطرد أباه ، الذي يشعر بدالة الأبوة على ولده ، ويجرح كبرياءه ، فإن ذلك سوء أدب غير مقبول ، إذا كان مع شخص غريب ، فكيف إذا كان من ولد تجاه والده.
وذلك هو ما فرضه الإسلام على كل مسلم تجاه أي إنسان آخر ، حتى لو لم يكن أبا ولا زوجة ولا ولدا ، وذلك هو ما تفرضه عليه أحكام الأمر