وهذا معناه : أن خالدا سوف لا يواجه حربا ، ولا طعنا ، ولا ضربا ، وأن هذا العدد الكبير من المقاتلين ، والجم الغفير ، لم تكن له مهمة قتالية ، بل هي مهمة أخذ رجل في البرية من دون قتال ، ثم تسلّم البلد ، وبسط الأمن فيه.
وربما يمكن أن نفهم : أن هذا الوعد النبوي لخالد قد أحرجه ، وفرض عليه قبول المهمة ، لأنه إن رفضها ، فسيفهم الناس : أنه يكذّب النبي «صلىاللهعليهوآله» فيما يخبر به ، أو أنه يشك في صدقه. وهذا ردّ لكتاب الله سبحانه الذي يقول : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (١).
حدّث العاقل بما لا يليق له :
وإذا ألقينا نظرة على ما تضمنته الرواية من وصف للأحداث ، فسنجدها أمورا غير معقولة ، ولا مقبولة .. ولا نرضى أن نتهم في عقولنا ، وفقا لقاعدة : حدّث العاقل بما لا يليق له ، فإن لاق له ، فلا عقل له .. فلاحظ ما يلي :
١ ـ إن الرواية تقول : إن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد أخبر خالدا بأنه سوف يجده ليلا يصيد البقر. فما معنى أن تذكر الرواية : أنه وجده في حصنه على سطح له ، ومعه امرأته ، ثم ركب بالرجال ، وخرجوا من حصنهم ، وخيل خالد تنظر إليه ، فساعة فصل أخذته الخيل .. فالرواية الصحيحة هي رواية بجير بن بجرة الذي قال : «فوافقناه في ليلة مقمرة وقد خرج كما نعته رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فأخذناه».
__________________
(١) الآيتان ٣ و ٤ من سورة النجم.