والمقارنة ، وذلك يدل على أن الرواة يتصرفون في نص واحد تارة ينسبونه لهذا ، وأخرى ينسبونه لذاك ، وتارة يجعلونه في هذا البلد ، وأخرى في ذاك.
فراجع وقارن لتقف على مدى تأثير الأهواء في صياغة النصوص ، وفي محاولات تحريفها.
حديث الجن في القرآن :
أما الآيات القرآنية فقد صرحت بما يشير إلى مجيء نفر من الجن إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لاستماع القرآن ، قال تعالى : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) (١). ولم تصرح الآيات بأنهم قد كلموا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، أو أظهروا له أنفسهم ، وإن كان النبي «صلىاللهعليهوآله» قد علم بهم ، بوحي من الله تعالى ، قال تعالى : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً ، يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً) (٢).
وهذا المقدار لا يبرر اعتبار ذلك وفادة منهم على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» .. إلا إذا استندنا في ذلك إلى الروايات ، لكن المروي منها في مصادر غير الشيعة لا مجال للوثوق به أيضا. لكثرة وجوه الإختلاف فيه (٣) مع سقوط أسانيده عن الإعتبار : ولكثرة ما يرد عليه من مآخذ كما يعلم بالمراجعة.
__________________
(١) الآية ٢٩ من سورة الأحقاف.
(٢) الآيتان ١ و ٢ من سورة الجن.
(٣) راجع : الدر المنثور ج ٦ ص ٤٤ و ٤٥ وراجع المصادر التي سلفت.