ولا ليستفيد منها في إقرار الأمن ، وإشاعة العدل ، وبناء المجتمعات على القيم ، والمثل العليا ، كما كان يفعل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، بل ليصرفها على شهواته وملذاته ، ولكي توجب له المزيد من القوة على الظلم والتعدي ، وإشاعة الإنحراف ، والموبقات والمآثم ..
ويريد رجالهم ليكونوا وقودا لحروبه التي يخوضها لتوسعه ملكه ، وبسط نفوذه ، وحماية شخصه ، وتلبية رغباته ، والإستجابة لنزواته.
وأما رسول الله «صلىاللهعليهوآله» فيريدهم مجاهدين لا في سبيل شخصه بل في سبيل الله وفي سبيل المستضعفين ، ينشرون دينه بين عباده.
٢ ـ إن هؤلاء الأشخاص قد كتموا إسلامهم حين رجعوا إلى قومهم ، حيث دعوهم فلم يستجيبوا لهم. فيكونون بذلك قد مارسوا مبدأ التقية ، الذي يدرك الإنسان بفطرته ، وبعقله السديد ، ورأيه الرشيد صحته ، وصوابيته ، تماما كما فعل عمار بن ياسر حينما استعمل التقية مع المشركين.
فهذا المبدأ إذن هو مما ترشد إليه الفطرة ، ويحكم به العقل ، وقد أيده القرآن والنصوص الشريفة ، فما معنى إنكاره من بعض الذين لا يحتاجون إليه ، بعد أن جعلوا أنفسهم أتباع الحكام ، ووعاظ السلاطين؟! ثم إنهم حين يحتاجون إليه يمارسونه ، ويغوصون فيه إلى الأعماق ، كما أظهرته وقائع التاريخ ، وقد ذكرنا بعض مفردات ممارستهم للتقية ، في أوائل هذا الكتاب.
وفود جرير بن عبد الله البجلي :
عن جرير بن عبد الله البجلي قال : بعث إلي رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، فأتيته ، فقال : «ما جاء بك»؟