ويجاب : بأنه إنما أخبرهم ببعض الأوامر ، لكونهم سألوه أن يخبرهم بما يدخلون بفعله الجنة ، فاقتصر لهم على ما يمكنهم فعله في الحال ، ولم يقصد إعلامهم بجميع الأحكام التي تجب عليهم فعلا وتركا.
ويدل على ذلك : إقتصاره في المناهي على الإنتباذ في الأوعية ، مع أن في المناهي ما هو أشد في التحريم من الإنتباذ ، لكن اقتصر منها على هذه الأمور لكثرة تعاطيهم لها (١).
ونقول :
إنه لا ريب في أنهم يعرفون حكم ما هو من قبيل : الصدق ، والكذب ، وقتل النفس المحترمة ، وقطيعة الرحم ، أو صلتها ، وغير ذلك كثير ، ولكنه «صلىاللهعليهوآله» أراد أن يؤكد عليهم في الأمور التي يعرف أنهم لا ينشطون إليها ، بل لديهم الصوارف الكثيرة عنها.
تعظيم مضر لشهر رجب :
وأما بالنسبة لقولهم : إنه لا يصلون إليه إلا في شهر حرام.
فالظاهر : أن المراد به : شهر رجب.
ولذا أضيف إليهم في حديث أبي بكرة ، حيث قال : رجب مضر.
والظاهر : أنهم كانوا يخصونه بمزيد التعظيم ، مع تحريمهم القتال في الأشهر الثلاثة الأخر ، إلا أنهم ربما أنسأوها ، ولذا ورد في بعض الروايات :
__________________
(١) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٣٧١ و ٣٧٢ وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ٥ ص ١٣٨.