منه «صلىاللهعليهوآله» لمصلحة اقتضت ذلك ، ولم يقترحه الناس عليه ، ومنه ما كان استجابة لطلب بعض الناس ، بهدف تحصيل اليقين بالنبوة ..
وربما يكون قد ظهر للنبي «صلىاللهعليهوآله» : أن طالب المعجزة كان غير قادر على إدراك إعجاز المعجزة الكبرى الخالدة ، وهي القرآن لسبب أو لآخر ..
وربما يكون قد ساعد على ذلك طبيعة المطلوب ، وحجمه ومداه ، فإنهم إنما طلبوا منه أن يخبرهم بما أضمروه لا أكثر .. ولو أنهم كانوا بصدد الجحود والكيد له ، لادّعوا أنهم قد أضمروا غير ما أخبرهم به.
حلف الجاهلية مشدود ، ولا حلف في الإسلام :
وقد تقدم : أن حلف الجاهلية مشدود ، وأنه لا حلف في الإسلام ، ولعلنا قد أشرنا في ثنايا هذا الكتاب إلى أن حلف الجاهلية المشدود هو الحلف القائم على دفع الظلم ، وعلى التناصر في الحق ، ومواجهة وصد من يريد التعدي ، ويسعى في الفساد والإفساد ..
ولا يصح أن يتحالف المسلم مع مسلم آخر ضد مسلم ثالث .. لأن الإسلام يمنع من الظلم ، و (يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ) (١) ، لأن هذه الآية توجب التناصر ضد الظلم ، فيرتفع بذلك موضوع التحالف ، إذا كان المراد به التحالف على ظلم الآخرين ، والعدوان والبغي عليهم.
__________________
(١) الآية ٩٠ من سورة النحل.