أَفَلا تَعْقِلُونَ) (١).
أي أنهم لو رجعوا إلى عقولهم لوجدوا في هذا القرآن ما يدفع عنهم أية شبهة ، ويزيل كل ريب ولزالت جميع المبررات لطلباتهم التعجيزية ، لو كانوا يريدون أن يجدوا ما يحتم عليهم الإيمان ، ويدعوهم إلى البخوع للحق .. كما أنه «صلىاللهعليهوآله» قد أظهر لهم من المعجزات ما لا يقل عما يطلبونه منه ، فلماذا لم يؤمنوا؟
والخلاصة : أنه لا مجال لأن يستجيب لطلبهم حين تسهم استجابته هذه في تكريس مفهوم خاطئ عن طبيعة النبي والنبوة ، أو إذا كان يمكّنهم من التأثير السلبي على بعض السذج أو الغافلين الذين قد لا يتيسر إخراجهم من غفلتهم بسبب عدم إمكان الوصول إليهم ، أو لأي سبب آخر ، فتستحكم الشبهة لديهم ، ويؤدي بهم ذلك إلى الإغراق في الضلال ، أو الخروج عن دائرة الإستقامة على طريق الحق والهدى بالكلية.
والأهم من ذلك هو : أن الطلب الذي رفض ، قد تضمن أمورا كان رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قد فعلها ، وتحدث القرآن عن بعضها ، مثل قضية المعراج إلى السماوات .. كما أنه «صلىاللهعليهوآله» وكذلك الأئمة الطاهرون «عليهمالسلام» قد فجروا الينابيع ، وشق الله القمر لهم نصفين ، وردّ الشمس لعلي «عليهالسلام» إلى غير ذلك مما صنعه «صلىاللهعليهوآله» ، وكذلك صنعه للأنبياء «عليهمالسلام» من قبله ..
ولكن ما صنعه «صلىاللهعليهوآله» من معجزات ، منه ما كان بمبادرة
__________________
(١) الآية ١٠ من سورة الأنبياء.