تمحلات وتأويلات باردة :
وقد حاول هؤلاء : أن يبعدوا هذا النوع من الروايات عن دائرة التجسيم ، فزعموا ـ كما قال في زاد المعاد في قوله «صلىاللهعليهوآله» : «فيظل يضحك» ، هذا من صفات أفعاله سبحانه وتعالى التي لا يشبهه فيها شيء من مخلوقاته كصفات ذاته ، وقد وردت هذه القصة في أحاديث كثيرة لا سبيل إلى ردها ، كما لا سبيل إلى تشبيهها وتحريفها ، وكذلك قوله : «فأصبح ربك يطوف في الأرض» ، هو من صفات أفعاله ، كقوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) (١) ، وقوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ) (٢). وينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا [ويدنو عشية عرفة ، فيباهي بأهل الموقف الملائكة] ، والكلام في الجميع صراط واحد مستقيم ، إثبات بلا تمثيل ، وتشبيه وتنزيه بلا تحريف وتعطيل (٣).
ومن الواضح : أن هذا كله من قبيل الضحك على اللحى ، ونحن نوضح هنا هذا الأمر بعض التوضيح بقدر ما تسمح لنا به المناسبة ، فنقول :
إن الحنابلة قد أثبتوا لله صفات وجدت الفرق الأخرى أنها قد أدت بالقائلين بها إلى إثبات صفة الجسمية له تعالى .. ويسمون أنفسهم صفاتية.
فأثبتوا لله تبارك وتعالى يدا ، وإصبعا ، وساقين ، وقدمين ، وعينين ، ونفسا ، ونواجذ وما إلى ذلك مما وردت به أحاديثهم .. وقد أثبتوها له بما لها
__________________
(١) الآية ٢٢ من سورة الحجر.
(٢) الآية ١٥٨ من سورة الأنعام.
(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٢٣٣ وفي (ط دار الكتب العلمية) ج ٦ ص ٤٠٥.