من معان حقيقية.
وقالوا : إنه تعالى فوق عرشه في السماوات ، وينزل إلى الأرض.
وقد جمع ابن خزيمة في كتابه : التوحيد وإثبات صفات الرب مئات من هذه الأحاديث ، ثم اختار منها البيهقي الصحاح والحسان ، وحاول تأويلها في كتابه : «الأسماء والصفات» بكثير من التكلف والتعسف. ولو أنه أقر بكذبها لكان أراح واستراح.
ويشير إلى كثرة أحاديث التجسيم ، التي يسمونها أحاديث الصفات قول ابن تيمية : «وقد جمع علماء الحديث من المنقول في الإثبات ، ما لا يحصي عدده إلا رب السماوات» (١). وقد بلغ بهم تشددهم في هذه العقيدة ، حدا جعلهم ينكرون المجاز ، وأطلقوا عليه أنه طاغوت (٢).
ولعل أصدق كلمة في التعبير عن واقع ومنحى هذه الأحاديث هو ما وصف به الفخر الرازي كتاب ابن خزيمة ، فقد قال وهو يتحدث عن آية : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (٣) : «واعلم أن محمد بن إسحاق بن خزيمة أورد استدلال أصحابنا بهذه الآية في الكتاب الذي سماه : ب «التوحيد» ، وهو في الحقيقة كتاب الشرك ، واعترض عليها ، وأنا أذكر حاصل كلامه بعد حذف التطويلات ، لأنه كان رجلا مضطرب الكلام ، قليل الفهم ، ناقص العقل» (٤).
__________________
(١) مجموعة الرسائل ج ١ ص ١٩٨.
(٢) الرسائل السبعة (الضميمة الثالثة للإبانة) ص ٣٦.
(٣) الآية ١١ من سورة الشورى.
(٤) تفسير الفخر الرازي ج ٢٧ ص ٥٠.