قال الحارث : قلت : إن مثلي ما قال الأول : معزى حملت حتفها ، حملت هذه ولا أشعر أنها كانت لي خصما ، أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد.
قالت هي : وما وافد عاد؟ وهي أعلم بالحديث منه ، ولكن تستطعمه.
قلت : إن عادا قحطوا فبعثوا وافدا لهم. فمر بمعاوية بن بكر. فأقام عنده شهرا يسقيه الخمر ، وتغنيه جاريتان يقال لهما : الجرادتان.
فلما مضى الشهر خرج إلى جبال مهرة فقال : اللهم إنك تعلم (أني) لم أجئ إلى مريض فأداويه ، ولا إلى أسير فأفاديه ، اللهم اسق ما كنت تسقيه. فمرت به سحابات سود ، فنودي منها : اختر ، فأومأ إلى سحابة منها سوداء ، فنودي منها : خذها رمادا رمددا ، لا تبق من عاد أحدا.
قال : فما بلغني أنه أرسل عليهم من ريح إلا بقدر ما يجري في خاتمي هذا حتى هلكوا.
قال أبو وائل : وكانت المرأة أو الرجل إذا بعثوا وافدا لهم قالوا : لا يكن كوافد عاد (١).
ونقول :
الشكوى من العمال :
قد أظهر هذا النص : كيف أن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد فتح أمام الناس أبواب الشكوى من عماله. وهذا أمر هام وحساس للغاية ، لأنه مما تقتضيه سنة الإنصاف والعدل ، وتوجبه مسؤولية حفظ وصيانة الشأن
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٣١٨ و ٣١٩ عن أحمد ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجة ، والبداية والنهاية لابن كثير ج ٥ ص ٩٩.