يجعله أكثر شعورا بحقيقته وحجمه ، ويدعوه للتواضع أمام عظمة الله ، ويدفع عنه الشعور بالكبر ، والخيلاء ، ويجعله يشعر بأنه محاسب ، ومسؤول ، ولا يستطيع أن يخفى شيئا من أفعاله ، أو أقواله ، أو نواياه ..
ومن شأن هذا أن يزيد في انقياده ، وعبوديته ، وسعيه لاستكمال ما يحتاج إليه لنيل رضا الله تبارك وتعالى ، والفوز بدرجات القرب منه. على أن الإستكثار من القرآن ، وجمعه ، وقراءته ، لا بد أن يفتح أمام الإنسان أبوابا عديدة للسؤال ، والإستقصاء عن الكثير الكثير من المعارف التي لولا قراءته للقرآن ، لم تخطر له على بال ، ولم تمر له في خيال.
ومع غض النظر عن ذلك كله .. فإن هذا الحكم النبوي لا بد أن يعطي الأمثولة الرائعة لتطبيق المعايير الإسلامية والإيمانية ، حين يصبح أصغر القوم إمامهم ، لا لأجل مال جمعه ، أو وصل إليه ، ولا لأجل دنيا أصابها ، أو جاه ظفر به ، وإنما لأنه سار في طريق رضا الله سبحانه ، ونال المعارف التي تيسّر له التقوى ، وتوصله إلى مقامات القرب والزلفى.
ثم إن ذلك يذكي الطموح لدى الآخرين ليدخلوا الحلبة ، وليستبقوا الخيرات ، والباقيات الصالحات ، لا ليستبقوا المآثم والموبقات.
وفود جعفي :
وقالوا : كانت قبيلة جعفي يحرمون أكل القلب في الجاهلية ، فوفد إلى رسول الله «صلىاللهعليهوآله» رجلان منهم : قيس بن سلمة بن شراحيل ، وسلمة بن يزيد ، وهما أخوان لأم ، وأمهما مليكة بنت الحلو. فأسلما. فقال لهما رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «بلغني أنكم لا تأكلون القلب».