مصدر هذه العقيدة :
ولعل مما سهّل تقبل الناس لعقيدة التجسيم : أنها كانت منسجمة مع عبادة الأصنام التي كانت شائعة في العرب ، فهم وإن كانوا قد اصبحوا يعبدون الله ، ولكنهم أعطوه نفس صفات أصنامهم.
يضاف إلى ذلك : أن هذه العقيدة كانت موجودة لدى أهل الكتاب. فالنصارى شبهوا المسيح بالله ، وجعلوه الابن ، وقالوا : إنه الأقنوم الثالث في الذات الإلهية. وكان في العرب نصارى ، وفي الحيرة وفي الشام ، وفي نجران (١).
واليهود الذين كانوا أكثر إغراقا في التجسيم الإلهي ، كانوا يقيمون في المدينة المنورة ، أو قريبا منها مثل خيبر ، وكان لهم وجود قوي في تيماء ، وفي وادي القرى. وفي اليمن كان لهم ملوك. وكان العرب مبهورين بهم ، خاضعين لهم ثقافيا ، وكان لكعب الأحبار ، ووهب بن منبه ، وعبد الله بن سلام ، وأضرابهم تأثير في إشاعة ثقافة اليهود بواسطة فريق من الناس كانوا يأخذون منهم من دون أي تحفظ ، مثل أبي هريرة ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، ومقاتل وغيرهم ..
وإذا استثنينا عليا وأهل البيت «عليهمالسلام» ، وكذلك شيعتهم ، فسنجد أن الحكام بعد رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قد ساعدوا على ذلك ، وكذلك الأمويون والعباسيون.
وأما علي «عليهالسلام» «فخطبه في بيان نفي التشبيه (أي التجسيم)
__________________
(١) فجر الإسلام ص ٢٦.