قدمناه في الجزء الثاني من هذا الكتاب ..
٢ ـ قدوم الجارود بن المعلى ، وسلمة بن عياض :
قال أبو عبيدة معمر بن المثنى : قدم الجارود العبدي على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ومعه سلمة بن عياض الأسدي ، وكان حليفا له في الجاهلية. وذلك أن الجارود قال لسلمة : إن خارجا خرج بتهامة يزعم أنه نبي ، فهل لك أن نخرج إليه؟ فإن رأينا خيرا دخلنا فيه ، فإنه إن كان نبيا فللسابق إليه فضيلة ، وأنا أرجو أن يكون النبي الذي بشّر به عيسى بن مريم.
وكان الجارود نصرانيا قد قرأ الكتب.
ثم قال لسلمة : «ليضمر كل واحد منا ثلاث مسائل يسأله عنها ، لا يخبر بها صاحبه ، فلعمري لئن أخبر بها إنه لنبي يوحى إليه».
ففعلا. فلما قدما على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قال له الجارود : بم بعثك ربك يا محمد؟
قال : «بشهادة ألا إله إلا الله ، وأني عبد الله ورسوله ، والبراءة من كل ند أو وثن يعبد من دون الله تعالى ، وإقام الصلاة لوقتها ، وإيتاء الزكاة بحقها ، وصوم شهر رمضان ، وحج البيت ، (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (١).
قال الجارود : إن كنت يا محمد نبيا فأخبرنا عما أضمرنا عليه.
فخفق رسول الله «صلىاللهعليهوآله» كأنها سنة ثم رفع رأسه ، وتحدر
__________________
(١) الآية ٤٦ من سورة فصلت.