الله عليه وآله» ، ليمكن أن يتوهم أنه قد تأثر بشخصيته ، أو بقوة بيانه ، كما أنه لم يكن له طمع بمال قدمه إليه ، أو بجاه أو مقام عرضه عليه ..
بل جاءته الدعوة الإلهية بكل صفائها ، ونقائها ، ووضوحها ، لا تشوبها أية شائبة ، من ترهيب أو ترغيب أو غيرهما ، فانصاع لها عقله ، ورضيها وجدانه ، وانسجمت معها فطرته. وأصبحت عنوان وجوده ، وحقيقة شخصيته وكيانه ، ووجد أن التفريط بها معناه : التفريط بهويته ، وبإنسانيته ، ولأجل ذلك آثر أن يصر عليها ، وأن يحتفظ بها ولا يساوم عليها ، مع أنه كان قادرا على كتمان أمره ، والإسرار بدخيلة نفسه ..
منطق الغالب هو المغلوب :
واللافت هنا : هو هذه القسوة التي عامل الروم بها عاملهم ، حيث إنهم بمجرد معرفتهم بإسلامه طلبوه حتى أخذوه ، فحبسوه عندهم ، ثم قتلوه ، وصلبوه (١).
وهذا معناه :
١ ـ أنه قد جرت مطاردة واسعة ، واستنفار عام من قبل الروم لملاحقة هذا الرجل ، حتى تمكنوا أخيرا من أخذه.
٢ ـ إننا لم نرهم سألوه عن سبب اعتناقه الإسلام ، ولا ناقشوه في صحة هذا الدين ..
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ٣٩٠ عن ابن سعد ، والطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج ٢ ص ١١٥ وفي (ط دار صادر) ج ٧ ص ٤٣٥ ، ومعجم ما استعجم ج ٤ ص ١٢٤٢ ، والبحار ج ٢١ ص ٤٠٩.