فقد يقال : إذا كانت جرم لم تسلم بعد ، فلماذا يتعلم الناس فيها القرآن؟ ويشيع ذلك فيهم ، حتى يحتاج إلى معرفة الأكثر أخذا له ..
وقد يجاب : بأن هذا الوفد قد جاء إلى النبي «صلىاللهعليهوآله» ، وعاد من عنده بعد ظهور الإسلام في قبيلة جرم ..
وهو جواب غير دقيق ، فقد صرح عمرو بن سلمة بأنه قد حفظ القرآن في أيام الشرك حيث كانوا على ماء ممر الناس عليه ، فكانوا يسألونهم عن هذا الأمر ، فكانوا يجيبونهم ويقرأون عليهم بعض الآيات ، فكان عمرو بن سلمة يحفظ من ذلك أكثر من غيره.
أكثرهم قرآنا يؤم جماعتهم :
وسواء قلنا بصحة ما ذكروه حول ذلك الغلام أو بعدم صحته ، فإن ذلك لا يمنع من أن يكون النبي «صلىاللهعليهوآله» قد قرر أن إمام القوم أكثرهم جمعا للقرآن ، وذلك على قاعدة : «قيمة كل امرئ ما يحسنه» ، واستجابة لواجب الحث والتشجيع على حفظ القرآن ، والإهتمام بجمعه ، غير أن سؤالا قد يطرح هنا ، وهو : أن الناس كانوا آنئذ بحاجة إلى معرفة أحكام دينهم ، مقدمة للإلتزام والعمل بها ، فلماذا لم يأمرهم بتقديم الأفقه والأعرف بأحكام دينه؟!
ويمكن أن يجاب : بأن القرآن أساس الدين ، وحصنه الحصين ، وفيه كل معارف الدين ، في عقائده ، وشرائعه ، وأحكامه ، ومفاهيمه ، وأخلاقياته ، وسياساته ، وعبره وعظاته ، وغير ذلك مما لا بد منه للإنسان المسلم والمؤمن ..
على أن نفس ربط الإنسان بالله ، وشعوره بأن الله هو الذي يتكلم معه ،